الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

حانوكا الحرائق الخفية عن العين

حانوكا: الحرائق الخفية عن العين
من الصحافة العبرية

الكاتب : يديعوت أحرونوت ـ مقال ـ 9/12/2010












بقلم: يونتان لفين

إني أشم شيئاً، أفلا تشمون أنتم؟ لحظة، أنا لا أتخيل، حقاً توجد هنا رائحة... محروقة. شيء ما يحترق، وأنا لا اقصد الحرائق التي اندلعت الأسبوع الماضي، هذا احتراق آخر. يخيل لي أن هذه رائحة حريق لا نراها بعد، بل حتى لم يشتعل بعد. رائحة الحرائق الخفية عن العين، إذ يدور الحديث على ما يبدو عن آلفي ـ ثلاثة، حد أقصى أربعة آلاف بؤرة إحراق متأخرة.

هذه رائحة نكراء على نحو خاص، فكيف لا تشمون؟! ليست رائحة مواد كيماوية ولا بلاستيكية. ربما ورقية. نعم، ورق تطبع عليه الكتب، هذا هو. حريق كتب، وبالأساس نشر كتب، وبعض اللحم، الذي يشوى كما اعتقد مع هذه الكتب. ولا بد أن هذه شعلة هائلة لاني اشم انه يحرقون هناك الثقافة بشكل عام (على نار هادئة، كيفما اتفق). ليس فقط الثقافة التي نستهلكها (المسرح، السينما، الموسيقى)، بل بشكل عام ـ الثقافة الاجتماعية الأساسية. نعم، هذه ليست فقط رائحة أرض مشتعلة، بل ورائحة نمط حياة مشتعل.

أنا أشم الانتفاضة الثالثة، ربما الرابعة، التي تشتعل منذ الآن. رائحة شديدة من الخوف، من الباصات المتفجرة، من النار الحية والمواطنين العرب الموتى. رائحة احتراق الإدارة السليمة تحت رعاية جبابرة المال. ومرة أخرى رائحة الورق. آه، ذاك الذي طبعت عليه استنتاجات لجان التحقيق. الكثير من الورق، الكثير من اللجان. ومزيد من الورق. المال. لا، ليس ذاك الذي يغلف فيه البطاطا بل المال الحقيقي، الضرائب التي تحترق على شيء لا أنجح حقا في معرفته. آه، واضح: قانون التسويات وقانون الطلاب الدينيين وكل أنواع القوانين المتذاكية الأخرى.

أشم احتجاجا هائلا من سليلي إثيوبيا، ولكن هذا سيحصل فقط بعد 15 سنة، بحيث أنه يمكن الجلوس لنيل الدفء أمام شعلة الترهات. أشم الأبخرة الخانقة للجهل، الغباء والسطحية، العفن الذي يأتي من الجيش الإسرائيلي المتبجح، الصفقة في الحزب، الرشوة في الانتخابات التالية، الاتفاق الائتلافي الذي سيحرقنا جميعنا مستقبلا، رائحة المطاط المحترق التي ستخلفها إطارات سيارات الوزراء في الحكومة المنتفخة التالية والرائحة للإطارات المشتعلة للمتظاهرين المقالين.

أشم السجائر الرخيصة للطلاب الفقراء الذين يضطرون إلى دفع الضريبة كي لا يتمكن مستغلو الدولة ومتبطلوها، لا سمح الله من تحريك ساكن والمساهمة بنصيبهم. أشم رائحة الرعاع الذين يأتون إلى الكنيست، يطالبون برؤوس متدحرجة (ولكن هذا سيستغرق زمنا، حين لن يكون لنا ما نأكله). أشم الثورة، الحرب الأهلية، النظام العسكري، الطاغية. أمل جلعاد شاليت يتبدد.
أشم كل شيء. الاصطفائية البيروقراطية العتيقة، منشآت التأهيل المهجورة جراء هوس التجميد وإزالته. أشم مئات آلاف الإسرائيليين الذين يهاجرون من البلاد، ليورثوها إلى فقرائها، أشم كل هذا. من حظنا أنه توجد سوبر تانكر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق