قصائد رمادية
أحمد حسين
قصة
أرتَدُّ الليلة
إلى مقبرة الذاكرة
وأقرأ في مخطوطات الألم ْ
المكدسة فوق الرفوف،
عن الذين شربت معهم القهوة،
وأكلت كستناء الفلاحين
في مقهى الليمونة المجاني،
فوق التراب الذي جلس تحته آباؤنا.
*
أعلق في رقبة الذاكرة
مسبحة بعددهم
تطول شيئا شيئا،
فأعرف أن مسافة الذاكرة بالمقابل
تقصر باستمرار.
هذه هي المعادلة:
*
المسافة بين شجرة البلوط
والليمونة في ساحة المسجد،
عشر دقائق بسرعة التابوت،
عش أكثر
تمُت أسرع.
*
حين جاء دورهم
لتعليق صورهم على الحائط،
وأسمائهم على الحجارة،
وضاقت المقبرة بهم،
انتهكنا ملكية الظل
تحت شجرة البلوط،
فاحتلوا بصمت
مقهاهم الجديد
يتوافدون واحدا قبل الأخر.
*
وبينهما الآن
مدرسة للفلاشا مورا،
تبعد عن المسجد دقيقتين.
أما المقبرة
فنصفها الآن للموتى،
ونصفها لسيارات الأجرة،
وبجانبها ملهى البلوطة
الذي يملكه مهاجر سلافي
أسمه الجديد نتان،
يقدم الكستناء الروسية للزبائن
مع كؤوس الشراب.
*
زرت الملهى لأقرأ الفاتحة،
رآني نتان وعرف،
قال لي بدماثة:
أنت أول عربي يأتي إلى هنا!
قلت ولدت هنا!!
ابتسم وتركني أكمل الفاتحة،
وحينما انتهيت
قال لي الشرطي
بخشوع يليق بالمكان:
تفضل معي
هذا المكان لليهود فقط!
قلت له:
لا يوجد هنا يهود
ولا أمكنة يهودية
هل صدقت هذه الأسطورة؟
قال: ماذا يوجد هنا؟
قلت:
إذا كنت لا تعرف
فماذا تفعل هنا؟
قال والبخار يتصاعد منه:
تعال معي إلى المخفر
فسألته:
أليس المخفر لليهود فقط؟
*
أخبروني فيما بعد
أنه أطلق علي الرصاص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق